قراءات نفسيــــــــة

 

علم تحليل نفس عربي إسلامي

 

أبداء هذا الباب بالعودة لبعض المفاهيم  المأخوذة في عالمنا العربي على الغرب على أنها مسلمات لكي نؤسس إلى علم تحليل نفس عربي اسلامي. علم نفس لا يتنكر إلى العلم الغربي بل يواصله..من بين هذه المسلمات أن موضع اللغة هو الذي يبني مقتضيات الذات...والذي معنا ه حسب التحليل النفس الغربي أن آخر المطاف بالنسبة للذات البشرية هي اللغة ..وليس شيئا بعد اللغة. مبدئيا لا أود مناقشة هذا المبدأ الذي أصبح معتقدا..ولكن سأحاول توضيحه.  كما يقر التحليل النفسي ذاته ليست هناك لغة واحدة تؤخذ كمرجع. وحدد جاك لاكان أربعة مرجعيات للغة  ورابعها لغة الهستيريا (على أن الهستيريا  مرض أنثوي بالأساس) .اذن في الواقع أحد ركائز بناء الذات هو عصاب أو ذهان الوالدين  . سنأخذ فيما يخصنا العصاب. العصاب هو منطق يخضع لضوابط...ومن هذه المنطلق فهو يثري القول L'ENONCE .

 ثانيا التماهي ...التحليل النفسي الغربي يبنيه على التمييز البيولوجي من ذكر وأنثى(رجل وامرأة) ولكن الواقع ليس كذلك في اعتقادي. التماهي يكون مع-على معنى الذكورة والأنوثة وليس على التمييز البيولوجيXX  XY)) . معنى ذلك أن الفرد ذكر كان أم أنثى ليس بخالص لا في ذكورته ولا في أنوثته. كل منهما يحمل نسبة ما من الاخر. و بذلك وفي الحالات السوية يأخذ الذكر أصل ذ كورته من أبيه وصورة أنوثته من أمه. وتأخذ الأنثى أصل أنوثتها من أمها وصورة ذكورتها من أبيها. ولكن ولأسباب خاصة بالسلالة وليس بالأم فقط وهذا مهم جدا تنقلب الآية فيأخذ الذكر أصل ذكورته من صورة الذكورة  عند أمه والأنثى تأخذ أصل أنوثتها من صورة أنوثة أبيها...وفي اختلال هذا التوازن جميع أنواع الشذوذ والعقم.

إذن التماهي التأسيسي التي تبنى عليه الذات يكون على-مع المعنى وليس على الواقع البيولوجي. على هذا التماهي التأسيسي سيقع فيما بعد التطابق الاجتماعي الذي يقصده التحليل النفسي .

 هذه الانخرامات المسؤول عنها ليست الأم كما يظن في التحليل النفسي بل الأم كحلقة رابطة من سلسلة...لأن الجنين يصنع في أحشائها .هنا تنزل الثلمة البشرية التي يشار لهل في التحليل النفسي بمفهوم"القضيب"(le phallus ). ولكن القضيب لا يمثل أو بالأحرى يرمز إلى إشكالية الأنثى كأنثى  ولكنها إشكالية الفرد الناطق بشقيه الذكر و الأنثى. لأن الثلمة ليست في عدم اكتساب الجهاز التناسلي "الذكر" بل في عدم اكتساب المعنى المؤسس لهذا العضو. إذن المعنى هو الضائع وبذلك يكون القضيب رمز  للمعنى المفقود عند الجنسين . هذا الضائع وقع تعويضه عصابيا  بالعضو التناسلي"الذكر ". الرجل مغفل كما هو ظن أن عضوه  التناسلي  هو عنوان قوته (فحولته) والمرأة ساذجة كما هي أن سبب هوانها هو فقدان العضو الذي يمتلكه الاخر.

الثلمة لا علاقة لها مباشرة  بالعضو البيولوجي ولا باستعماله الفيزولوجي. لأن الضياع  يمس إنسانية الإنسان  أي المعنى الذي يحمله. لكن في واقع الأمر الرجل ليس بأحسن حا ل من المرأة في عنوان المتعة بل بالعكس. لماذا؟ لأن الذكر كعضو ليس بالضامن لها  بل هو وسيلة حرمانه من الوصول لهل  لأن لذته المأخوذة على أنها متعته مرتبطة بقذفه. بمجرد القذف يتراجع التشنج...تشنج الذكر خاصة..وبهذا تنتهي لذته. ومن هذا المنطلق تكون المرأة مهيأة لاطالة لذتها  أكثر من الرجل لأنه ليس لها ما يحد من تشنجها الذي هو وسيلة لذتها.

  الجانب الأصلي للضياع هو الذي سيعطي للكلمة هويتها.فتصبح إما خاوية جوفاء أو لغزا محيرا أو متسلطة الخ...الخ.. أي لا مجال للوصول للحقيقة بها-من خلالها.ودور الفرد هو السعي وراء هذه الحقيقة التي كما قلت لا مجال للوصول لها.لأن بالوصول لها تكتمل الدائرة....واكتمال الدائرة ليس بشأن بشري. هنا نزل الجانب الاجتماعي تعويضا للجانب الإنساني الذي أهمله التحليل النفسي الغربي.وتنزيل الجنب الاجتماعي عوضا عن الجانب المعنوي جذر الضياع...فأ صبح الذكر....والمال والجاه والقوة وسيلة للاغتصاب...لاغتصاب الآخر ووسيلة لتعذيب الذات.

معوض الذكر أصبح مطلبا مرضيا في الكثير من ضروب الاهتمام البشري. لنفترض أن الأيمان هو ما يرمز به للمتعة. وقتها يصبح الدين هو طريقنا  لعدم الابتعاد كثيرا عن هذه المتعة المستحيلة وفي نفس الوقت الدافع الأساسي لطلبها. التحليل النفسي ركز على الأيمان معتبرا إياه الجانب الذاتي للدين وبالتالي  يكون الدين هو الجانب الجماعي(الاجتماعي) لذلك. لكن هذا لا يتطابق مع واقع الأشياء.لأنه لو كان الأيمان ذاتيا وكان توزيعه بهذا التفاوت لما كان الخالق عادلا. وذلك بتمييزه البعض دون البعض وهذا محال. لهذا يكون الأيمان هو المعطى الجماعي البشري والدين هو الوسيلة في هذا المسعى....وهو لا يمكن إلا أن يكون فرديا.

 الأصل دائما هو الضياع المفقود ليصبح للسعي معنى...وقدرنا هو البحث. المؤسسة الدينية اجتهاداتها  في الواقع لا تلزمها إلا هي .لماذا؟ لأن مرجعيتها لا يمكن أن تتجاوز مرجعية الفرد لا فقط في الكتاب والسنة ...ولكن وخاصة في عصابة والانتماء مجموعة لا يغير شيئا في موضوع الحال. لذا بنحوها  نحو الوساطة بين الفرد ومتعه تعسر ولا تيسر.فتصبح كالمخدر الذي يعطيه الطبيب النفساني لمرضاه موهما إياهم لأنه دواء. لأن الدين ليس بإضافة للأيمان .الدين هو طريق الإيمان حتى لا يظل الفرد أثناء مسعاه . الإيمان هو الأصل الضائع "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن نقول يوم القيامة أن كنا عن هذا غافلين" (الأعراف 172) أشهدتهم على أنفسهم هذا خطاب شخصي مباشر لكل من بني ادم...لما وقعت الغفلة جاء الدين ليذكر. الدين من هذا المنطلق ليس باكتشاف...بل هو عودة .

  إذن إشكالية المتعة هي ليست كما يظن  هي وقف على المرأة لأنها محرومة من وسيلتها(الذكر كجهاز  للمتعة)..أي بمعنى آخر أن المتعة ألذ كورية هي النموذج. القضيب هو رمز المفقود عند الجنسين وليس عند هذا أو ذاك. ..

  هنا ينزل الخصي التأسيس الذي يتحدث عنه التحليل النفسي من خلال عقدة أوديب. يقول التحليل النفسي الغربي يحرم عليك نكاح الأم  أو الأب. لكن يجب توضيح هذا ووضعه في سياقه. الإشكالية تتعلق بإنسانية الإنسان قبل أن تتعلق بتنظيمه الاجتماعي  كما ذهبت إليه الأنتروبولوجيا مع كلود لفي شتراوس قبل التحليل النفسي. معنى ذلك قبل أن نخوض في الجانب التنضيمي لا بد من معرفة البعد التأسيس له. لماذا ؟ لأن التماهي يكون على هذا البعد وليس على التمييز الفيزيولوجي (رجل امرأة).

عندما ترتبك الفطرة يأخذ الفرد أصل ذكورته من أمه وتأخذ البنت أصل أنوثتها من أبيها..ماذا سينجر عن ذلك؟ البنت –الأم التي أخذت ذكورتهما من أبيها سيبقى ينقصها البعد الوهمي الذي عليه ستبنى "إستراتيجيتها "  ....وهذا ما سيتم" مساومة" الجنين عليه خياليا. الحياة مقابله" هو"

وهنا تنزل إشكالية القضيب.الرجل عنده الجهاز العضوي وينقصه الجانب المعنوي والأم عندها الجانب المعنوي وينقصها الجانب العضوي .